بسم الله الرحمن الرحيم
ورع أهل الحديث :
و كانوا من الورع و عدم المحاباة على جانب عظيم ، حتى قال زيد بن أبي أنيسة : أخي يحيى يكذب .
و سئل جرير بن عبد الحميد عن أخيه أنس ، فقال : قد سمع من هشام بن عروة ، و لكنه يكذب في حديث الناس فلا يكتب عنه.
وروى علي بن المدينــي عن أبيه ، ثم قال : ) وفي حديث الشيخ ما فيه ( .
وقال أبو داود : ابني عبد الله كذاب.
و كان الإمام أبو بكر الصبغي ينهى عن السماع من أخيه محمد بن إسحاق.
حفظ علماء السلف لتراجم الرجال
كان الرحل لا يسمى عالما حتى يكون عارفا بأحوال رجال الحديث .
ففي ( تدريب الراوي ( قال الرافعي و غيره : إذا أوصي للعلماء لم يدخل الذين يسمعون الحديث ولا علم لهم بطرقه ولا بأسماء الرواة ... و قال الزركشي : أما الفقهاء، فاسم المحدث عندهم لا يطلق إلا على من حفظ متن الحديث، و علم عدالة رواته و جرحها ... و فال التاج السبكي ... إنما المحدث من عرف الأسانيد و العلل و أسماء الرجال ... و ذكر عن المزي أنه سئل عمن يستحق اسم الحافظ، فقال : ) أقل ما يكون أن يكون الرجال الذين يعرفهم و يعرف تراجمهم و أحوالهم و بلدانهم أكثر من الذين لا يعرفهم ليكون الحكم للغالب ( .
فكان العالم يعرف أحوال من أدركهم ، إما باختباره لأحوالهم بنفسه ، و إما بإخبار الثقات له ، و يعلم أحوال من تقدمه بأخبار الثقات ، أو بإخبار الثقات عن الثقات .... و هكذا و يحفظ ذلك كله ، كما يحفظ الحديث بأسانيده ، حتى كان منهم من يحفظ الألوف ، و منهم من يحفظ عشرات الألوف و منهم من يحفظ مئات الألوف بأسانيدها . فكذلك كانوا يحفظون تراجم الرواة بأسانيدها ، فيقول أحدهم أخبرني فلان أنه سمع فلانا قال : قال فلان : لا تكتبوا عن فلان ، فانه كذاب ... و هكذا..