بسم الله الرحمن الرحيم
تدوين العلم و حظ علم الرجال منه
ذكروا أن تدوين العلم في الكتب في العهد الإسلامي شرع فيه حوالي نصف القرن الثاني فألف ابن جريج (80-150) و ابن أبي عروبة (؟_156) ، و الربيع بن صبيح(؟-160).
و يتوهم بعض الناس أنه قبل ذلك لم يكن عند أحد من المسلمين كتاب ما ، يتضمن علما غير كتاب الله عز و جل !! و هذا خطأ فقد كان عند جماعة من الصحابة صحائف في كل منها طائفة من الأحاديث النبوية ، منها صحيفة كانت عند أمير المؤمنين علي – عليه السلام -، ذكرها البخاري و غيره ، و جمع ابن حجر في ( فتح الباري) قطعا منها .
وكان عند عمرو بن حزم كتاب كتبه النبي صلى الله عليه و آله و سلم إلى أهل اليمن ، فيه أحكام كثيرة .
و كان عند أنس كتاب في أحكام الزكاة كتبه أبو بكر الصديق ، فال في أوله : (هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على المسلمين ). وفي رواية عند الحاكم و غيره ( كتب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كتاب الصدقة ، فلم يخرجها إلى عماله حتى قبض ، فقرنه بسيفه ، فعمل به أبو بكر حتى قبض.... ) ، و ذكر الكتاب .
و كان لسمرة بن جندب كتب فيها ما سمعة من النبي صلى الله عليه و سلم يروي عنها الحسن البصري. و كان لجابر بن عبد الله صحيفة كذلك ، يروي عنها الحسن أيضا ، و طلحة بن نافع.
و كان لعبد الله بن عمرو صحيفة كتبها بإذن النبي صلى الله عليه و آله وسلم ، يرويها عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو ، عن أبيه ، عن جدة .
و في ( المستدرك ) عن الحسن بن عمرو بن أمية الضمري قال : حدثت عن أبي هريرة بحديث ، فأنكره ، فقلت له : إني قد سمعته منك ! قال : إن كنت سمعته مني فانه مكتوب عندي ، فأخذ بيدي إلى بيته فأراني كتابا من كتبه.... فذكرت القصة. استنكره الذهبي ، لما في ( البخاري ) عن أبي هريرة قال : ( ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم أحد أكثر حديثا عنة مني ، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو ، فانه كان يكتب ولا أكتب ) . لكن قال ابن عبد البر : يمكن أنه لم يكن يكتب في العهد النبوي ، ثم كتب بعده .
و أما التابعون فقل عالم منهم لم يكن عنده كتب ، و لكن كانت الأحاديث تتجمع كيفما اتفق ، بلا تأليف و لا ترتيب ، كما في صحيفة همام بن منبه اليماني عن أبي هريرة ) ، و هي نحو مائه و أربعون حديثا ، تجدها في (مسند أحمد )(2/312-319) و هي في ( الصحيحين ) و غيرهما مفرقة...
التدوين
فأما عن التدوين بالترتيب و التأليف : فقد رويت عن زيد بن ثابت الصحابي المشهور رسالة ، كتبها في أحكام المواريث حوالي سنة 40 للهـجرة. وفي سنن البيهقـي قطع كثيرة منها .
و ذكر غير واحد أن الحسن بن محمد بن الحنفية المتوفى سنة (95هـ) ، وضع كتابا في بعض العقائد. و لكن في ترجمته من ( تهذيب التهذيب ) ما يؤخذ منه إنها رسالة صغيرة.
وفي ترجمة الحلاج من ( تاريخ الخطيب) أن للحسن البصري (21-110) كتابا اسمه كتاب (الإخلاص) كان يروي و يسمع في القرن الثالث . و ( في فهرست ابن النديم ): أن لمكحول الشامي المتوفى (سنة 112) أو بعدها كتابين : (كتاب السنن) و (كتاب المسائل ) في الفقه .
فأما ما ذكروه أن أول من دون الحديث ابن شهاب الزهري في سنة مائة – أو نحوها بأمر عمر بن عبد العزيز ، و بعث به عمر إلى كل أرض له عليها سلطان ، فلا أدري أمرتبا كان ذلك الكتاب أم لا؟؟؟!! ..