--------------------------------------------------------------------------------
الشبهة : ( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً [مريم : 19] . هنا جبريل سيهب لمريم غلاما و الواهب هو الله . فجبريل إذن إله على هذا .
الرد :
أولا : هو سيهب لها غلاما ، بنص الآية بصفته رسول ربها . ( إنما أنا رسول ربك ) . و ليس بصفته إلها . فنسب الإعطاء لنفسه لكونه السبب و الرسول . اما المسبب و المِرسل ، و هو الله ، فهو الواهب الحقيقي . فهو سينفخ فيها و بالنفخة و ما اختلط فيها من مريم سيخلق الله عيسى عبده و رسوله عليه السلام .
- (({ قَالَ إِنَّمَا أَنَاْ رَسُولُ رَبّكِ } { لأهَبَ لَكِ غلاما } أي لأكون سبباً في هبته بالنفخ في الدرع .)) تفسير الألوسي
- و يزيد المفسر وجها آخر فيقول : ((ويجوز أن يكون حكاية لقوله تعالى بتقدير القول أي ربك الذي قال أرسلت هذا الملك لأهب لك ويؤيده قراءة شيبة . وأبي الحسن . وأبي بحرية . والزهري . وابن مناذر . ويعقوب . واليزيدي . وأبي عمرو . ونافع في رواية ليهب بالياء فإن فاعله ضمير الرب تعالى )) تفسير الألوسي . فيجوز بتقدير أن الملاك قصد نقل قول الرب يؤيده هذه قراءة ( ليهب لك ) فيكون الواهب هو الله باعتباره الآمر لجبريل المرسل له . و على قراءة المصحف الواهب هو جبريل باعتباره الرسول و سببا للنفخ مع كون الله هو المرسل و هو المسبب و الخالق .
ثانيا : عندما استفسرت مريم ، بعد الآية السابقة ، بالسؤال التالي : (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً [مريم : 20] . رد الملاك جبريل بالتالي : (قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً [مريم : 21] . فأجابها بنقل كلام ربها : هو علي هين أي خلق عيسى بدون إله لحكمة جعله آية للناس و رحمة منه أي من الله . ما يدل ان الله هو الخالق و هو الواهب الحقيقي . فهو اعتراف من رسول الرب بان الرب هو الذي قال و قرر و هو الذي يخلق و الخلق عليه هين آية و رحمة .
ثالثا : يجوز أن ينسب الفعل إلى المنفذ مرة باعتباره السبب و المباشر و يجوز أن ينسب إلى الآمر باعتباره من أمر مرة أخرى . فتقول عذبت الملائكة قوم لوط باعتبارها المباشر و السبب و يجوز ان تقول عذب الله تعالى قوم لوط باعتبار الرب العظيم هو الآمر . و هذا واضح .
مثله أيضا : عندما أمر الرسول بان يؤتى بكتاب ليكتب لهم فنسب الكتابة إلى نفسه باعتباره الآمر فهو أمي لا يكتب و لا يقرأ و هذا كثير جدا .